سورة فصلت - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فصلت)


        


{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} تقول لهم الملائكة الذين تنزل عليهم بالبشارة: نحن أولياؤكم أنصاركم وأحباؤكم، {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} أي: في الدنيا والآخرة. وقال السدي: تقول الملائكة نحن الحفظة الذين كنا معكم في الدنيا، ونحن أولياؤكم في الآخرة يقولون لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} من الكرامات واللذات، {وَلَكُمْ فِيهَا} في الجنة، {مَا تَدْعُونَ} تتمنون. {نزلا} رزقًا، {مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}.
قوله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} إلى طاعته، {وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} قال ابن سيرين والسدي وابن عباس: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى شهادة أن لا إله إلا الله. وقال الحسن: هو المؤمن الذي أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين.
وقالت عائشة: أرى هذه الآية نزلت في المؤذنين.
وقال عكرمة: هو المؤذن أبو إمامة الباهلي، {وعمل صالحًا}: صلى ركعتين بين الأذان والإقامة.
وقال قيس بن أبي حازم: هو الصلاة بين الأذان والإقامة.
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا عبد الله بن زيد المقري، حدثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة»، ثلاث مرات، ثم قال في الثالثة: «لمن شاء».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور السمعاني، حدثنا أبو جعفر الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال سفيان: لا أعلمه إلا وقد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة».


قوله عز وجل: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ} قال الفراء: لا هاهنا صلة، معناه: ولا تستوي الحسنة والسيئة، يعني الصبر والغضب، والحلم والجهل، والعفو والإساءة. {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قال ابن عباس: أمر بالصبر عند الغضب، وبالحلم عند الجهل، وبالعفو عند الإساءة. {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ} يعني: إذا فعلت ذلك خضع لك عدوك، وصار الذي بينك وبينه عداوة، {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} كالصديق والقريب. قال مقاتل بن حيان: نزلت في أبي سفيان بن حرب، وذلك أنه لان للمسلمين بعد شدة عداوته بالمصاهرة التي حصلت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم فصار وليًا بالإسلام، حميمًا بالقرابة.


{وَمَا يُلَقَّاهَا} ما يلقى هذه الخصلة وهي دفع السيئة بالحسنة، {إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا} على كظم الغيظ واحتمال المكروه، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} في الخير والثواب، وقال قتادة: الحظ العظيم: الجنة، أي: ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.
{وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لاستعاذتك وأقوالك، {الْعَلِيمُ} بأفعالك وأحوالك.
قوله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} إنما قال: {خلقهن} بالتأنيث لأنه أجراها على طريق جمع التكسير، ولم يجرها على طريق التغليب للمذكر على المؤنث، {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} عن السجود، {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} يعني الملائكة {يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} لا يملون ولا يفترون.
{وَمِنْ آيَاتِهِ} دلائل قدرته، {أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً} يابسة غبراء لا نبات فيها، {فَإِذَا أَنزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا} يميلون عن الحق في أدلتنا، قال مجاهد: يلحدون في آياتنا بالمكاء والتصدية واللغو واللغط. قال قتادة: يكذبون في آياتنا. قال السدي: يعاندون ويشاقون.
قال مقاتل: نزلت في أبي جهل.
{لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ} وهو أبو جهل، {خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قيل: هو حمزة، وقيل: عثمان. وقيل: عمار بن ياسر. {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} أمر تهديد ووعيد، {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} عالم فيجازيكم به.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6